هل يغادر محمد صلاح ليفربول؟ جيرارد يحسم الجدل ويرفض فكرة الرحيل.
عاصفة في ليفربول: بين خطأ النجم وحاجة النادي.. معضلة محمد صلاح تهدد "الريدز"
في قلب العاصفة التي تهز قلعة الأنفيلد، يعلو صوت أسطورة النادي، ستيفن جيرارد، ليضع يده على الجرح النازف. تصريحات محمد صلاح النارية، التي اتهم فيها النادي بـ "خذلانه" ووصول علاقته بالمدرب آرني سلوت إلى مرحلة الانهيار، ليست مجرد خبر عابر. إنها زلزال كاشف لهزات كانت تتراكم تحت السطح، تاركةً النادي أمام معضلة وجودية: كيف تتعامل مع خطأ أفضل نجومك، بينما أنت في أمس الحاجة إليه لإخراجك من مأزقك؟
جيرارد، القائد السابق الذي عاش تفاصيل الغرفة وتقلباتها، يقدم رؤية ثاقبة تخلط بين الحكمة والعاطفة. من ناحية، لا يتردد في توجيه النقد المباشر لصلاح: "بعض الجمل حول رمي الآخرين تحت الحافلة خاطئة". إنه تأكيد على قدسية "الغرفة المغلقة" في كرة القدم الإنجليزية، ذلك المبدأ الذي يحفظ تماسك الفريق أمام الأعين. الاعتراض على عدم المشاركة مُحترم، لكن تسريب الصراع للعلن جريمة تُرتكب بحق روح الفريق الجماعية.
لكن الطرف الآخر من المعادلة، والأكثر خطورة، هو ما أكده جيرارد بوضوح: **"ليفربول يحتاج محمد صلاح"**. هذه الجملة ليست مجرد رأي، بل هي صيحة إنذار. ليفربول يترنح في الدوري، ويعاني من عدم انتظام الأداء، وفقدان هالة القوة التي طالما تمتع بها. وفي هذه اللحظة بالذات، يحتاج النادي إلى هدفاته، إلى إبداعه، إلى قدرته على صنع الفرص من العدم. صلاح ليس لاعباً عادياً؛ إنه أيقونة العقد الماضي، والمحرك الأساسي لأعظم إنجازات النادي الحديثة. التخلي عنه أو استمرار تجميده قد يكلف الفريق ثمناً باهظاً، ليس رياضياً فحسب، بل معنوياً وجماهيرياً أيضاً.
هنا تكمن عبقرية تدخل جيرارد وواقعيته. فهو لا ينحاز لصديقه السابق بشكل أعمى، ولا يطعن في قرارات المدرب انتقاماً. بل يطرح حلاً ثلاثي الأركان:
1. **اعتذار داخلي من صلاح:** وتراجعه عن التصريحات التي ألقت باللوم على الآخرين.
2. **تدخل القيادة:** بأن يلعب قائد الفريق، فيرجيل فان دايك، دور الحَكَم والحاضن للأزمة داخل الأسرة الواحدة.
3. **تذكير الجميع بالهدف الأكبر:** وهو مصلحة النادي والخروج من الأزمة الرياضية، التي لن تتحقق دون استعادة أفضل هداف للفريق لفاعليته وأدائه.
تصريحات صلاح، رغم خطئها التكتيكي، هي صرخة إحباق حقيقية من لاعب طموح يرى موسمه يتبخر وهو في قمة لياقته. جيرارد يعترف بذلك، ويستحضر ذكرى سواريز ورودجرز، وحتى لحظته الشخصية مع مانشستر يونايتد، ليؤكد: "لسنا مثاليين". هذه الإنسانية في فهم اللحظة ضرورية لتجنب التصعيد.
الرهان الآن على نضج الأطراف جميعاً. على صلاح أن يدرك أن حجمه كأسطورة يفرض عليه مسؤولية أكبر في حماية كيان النادي. وعلى سلوت والإدارة أن يفرقوا بين تأديب اللاعب مؤقتاً، وبين خسارة سلاحهم الأقوى في معركة مصيرية لإنقاذ الموسم.
**الخلاصة:** ليفربول أمام اختبار حقيقي للقيادة. الأزمة ليست مع صلاح فحسب، بل مع القدرة على إدارة الأزمات الكبرى. الخطأ وقع، والاعتراف به ضروري. ولكن إصلاح الخطأ بطريقة تحافظ على مقدرات الفريق هو الفن الأعلى. كما قال جيرارد بواقعية قاسية: "إذا استمر الأمر فالمشكلة أكبر مما نراه". الوقت يدق، والموسم على المحك، والعودة إلى السكة الصحيحة تحتاج إلى صلاح الذي يسجل الأهداف، وإلى إدارة حكيمة تعيد تركيب الأحجار التي تهدد بالسقوط.