الولايات المتحدة تسعى لاستضافة كوبا أمريكا 2028: طموح رياضي بعد كأس العالم وقبل الأولمبياد
في خطوة تؤكد تحوّل الولايات المتحدة إلى مركز عالمي لاستضافة كبرى الفعاليات الرياضية، تجري مفاوضات متقدمة بين **اتحادي الكونكاكاف (CONCACAF) والكونميبول (CONMEBOL)** لتنظيم **كأس أمريكا الجنوبية (كوبا أمريكا) 2028** على الأراضي الأمريكية. ويأتي هذا التوجه في أعقاب استضافة ناجحة لنسخة 2024 من البطولة، وتمهيدًا لاستضافة **كأس العالم 2026** بالشراكة مع كندا والمكسيك، وقبل انطلاق **دورة الألعاب الأولمبية الصيفية** في لوس أنجلوس عام 2028.
---
خلفية تاريخية: أمريكا تُعيد تعريف كوبا أمريكا
في عام **2016**، استضافت الولايات المتحدة النسخة الاستثنائية **المئوية** من كوبا أمريكا، والتي شهدت حضورًا جماهيريًا غير مسبوق ونجاحًا تنظيميًا كبيرًا. وفي **2024**، عادت البطولة مجددًا إلى الملاعب الأمريكية، مع توسيع المشاركة لتشمل **16 منتخباً**، بينهم 10 من أمريكا الجنوبية و6 ضيوف من أمريكا الشمالية والوسطى ومنطقة الكاريبي.
وبعد هذه التجارب الناجحة، ترى الولايات المتحدة في استضافة **كوبا أمريكا 2028** فرصة استراتيجية لمواصلة تعزيز مكانة كرة القدم في سوق رياضي مهيمن عليه تاريخيًا كرة القدم الأمريكية والبيسبول والسلة.
---
توقيت دقيق: بين الأولمبياد وكأس العالم
ما يميز نسخة **2028** هو **التزامن المحتمل** مع **دورة الألعاب الأولمبية في لوس أنجلوس**، المقررة في يوليو من نفس العام. ولتجنب التعارض في التواريخ والبنية التحتية، يدرس الكونميبول إمكانية **تقديم موعد كوبا أمريكا** قبل 14 يوليو، تاريخ انطلاق الأولمبياد.
وبفضل الانتهاء المُبكر للموسم الكروي الأمريكي (MLS) في مايو 2028، ستكون الملاعب جاهزة تمامًا لاستضافة البطولة، ما يسهّل الجدولة ويعزز فرص نجاح الحدث من الناحية اللوجستية.
---
دوافع الولايات المتحدة: رياضية واقتصادية
لا يقتصر طموح الاتحاد الأمريكي لكرة القدم (USSF) على الجانب التنظيمي، بل يمتد إلى **أهداف تطويرية**. فمشاركة **منتخب الرجال (USMNT)** في كوبا أمريكا تمنحه خبرة قتالية أمام أقوى المنتخبات في القارة، مثل **الأرجنتين والبرازيل**، وهو أمر حاسم للاستعداد لكأس العالم 2026.
أما اقتصاديًا، فقد حققت نسخة 2024 **إيرادات بالملايين** للمدن المضيفة، وشهدت ملاعب مثل **Hard Rock Stadium** في ميامي إقبالاً جماهيريًا هائلاً. كما أن الحدث يُنشط قطاعات السياحة، الفنادق، النقل، والتجارة، خاصة في ظل الجماهير المتحمسة من الجاليات اللاتينية المنتشرة في الولايات المتحدة.
---
منافسة جنوبية: الأرجنتين والإكوادور بديلان محتملان
رغم الميل الواضح نحو الولايات المتحدة، لم يُغلق الكونميبول الباب أمام استضافة البطولة في أمريكا الجنوبية. وتُعد **الأرجنتين**، بطلة كوبا أمريكا 2021 و2024، مرشحًا قويًا بفضل بنيتها التحتية الحديثة ودعم الجماهير. كما تبرز **الإكوادور** كخيار ناشئ، خصوصًا بعد استثماراتها في المنشآت الرياضية.
إلا أن القرار النهائي سيتأثر بعوامل حاسمة، أبرزها:
- **العائد المالي من الرعاية والبث**
- **القدرة على جذب جماهير عالمية**
- **الشراكات التجارية مع العلامات العالمية**
وفي هذا السياق، يُنظر إلى سوق أمريكا الشمالية كـ"كنز تسويقي"، يوفّر للبطولة تغطية إعلامية عالمية وعائدات مالية تفوق ما يمكن تحقيقه في القارة الجنوبية.
---
مستقبل كرة القدم الأمريكية: من الترفيه إلى المنافسة
تدرك الولايات المتحدة أن كوبا أمريكا ليست مجرد حدث رياضي، بل **منصة استراتيجية** لرفع مستوى اللعبة محليًا. وتعمل على استثمار الزخم الجماهيري لـ**كأس العالم 2026** وكوبا أمريكا 2028 لجذب جيل جديد من المشجعين، وزيادة الاستثمار في الأكاديميات، والبنية التحتية، والمنتخبات الوطنية.
كما أن استضافة **كأس العالم للسيدات 2031** بالشراكة مع المكسيك وجامايكا وكوستاريكا، ستكمل سلسلة الأحداث الكبرى التي تجعل من أمريكا الشمالية محورًا عالميًا لكرة القدم في العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين.
---
خاتمة: رهان على التكامل القاري
باستضافة كوبا أمريكا 2028، لا تسعى الولايات المتحدة فقط إلى تنظيم بطولة، بل إلى **ترسيخ شراكة استراتيجية دائمة** بين اتحادي الكونكاكاف والكونميبول. هذه الشراكة لم تعد استثناءً، بل أصبحت قاعدة منذ نسخة 2016، حين دُمجت القارتان في حدث واحد يجمع الأفضل من أمريكتين.
وبغض النظر عن المكان النهائي، فإن كوبا أمريكا 2028 ستمثل **مرحلة جديدة** في تاريخ البطولة: أكثر احترافية، أكثر جماهيرية، وأكثر ارتباطًا بالعالم.
---
**المصدر**:
- موقع Mix Vale (01 ديسمبر 2025)
- بيانات رسمية من اتحادَي الكونكاكاف والكونميبول
- تقارير إعلامية حول استعدادات كأس العالم 2026 والأولمبياد 2028